خفض الفائدة في مصر – قرار مفاجئ يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والمصرفي
في خطوة مثيرة للاهتمام وتوقيتها بالغ الأهمية، قرر البنك المركزي المصري في اجتماعه بتاريخ 17 أبريل 2025 خفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 2.25% (225 نقطة أساس)، وهو أول خفض الفائدة في مصر منذ أكثر من خمس سنوات. وجاء القرار مدفوعًا بتراجع ملحوظ في معدلات التضخم السنوية واستقرار نسبي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، مما أتاح البدء في دورة جديدة من التيسير النقدي.
أولًا: تفاصيل القرار الرسمي للبنك المركزي لخفض الفائدة في مصر
البنك المركزي أعلن خفض سعر عائد الإيداع لليلة واحدة إلى 25%، وسعر عائد الإقراض إلى 26%، في حين أصبحت العملية الرئيسية وسعر الخصم عند 25.5%. هذا التحرك يعكس الثقة المتزايدة في أن الضغوط التضخمية باتت تحت السيطرة، حيث انخفض معدل التضخم من ذروته البالغة 38% في سبتمبر 2023 إلى 13.6% في مارس 2025، بحسب تقرير Reuters.
ثانيًا: خلفيات اقتصادية – لماذا الآن خفض الفائدة في مصر؟
على مدار العامين الماضيين، خضع الاقتصاد المصري لعدة صدمات عنيفة، أبرزها تعويم الجنيه في مارس 2024 وزيادة أسعار الفائدة في مصر آنذاك بواقع 600 نقطة أساس في إطار اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على حزمة دعم بقيمة 8 مليارات دولار. ولكن بعد مرور هذه العاصفة، بدأت المؤشرات الاقتصادية تتحسن، ما سمح للبنك المركزي بالتحرك نحو خفض الفائدة:
تراجع ملحوظ في أسعار المواد الغذائية والطاقة.
استقرار سعر الصرف النسبي.
تحسن النشاط الاقتصادي في الربع الأول من 2025، مع نمو تجاوز 4.3%.
ثالثًا: أثر قرار خفض الفائدة في مصر على شهادات الادخار في البنوك
1. بنك مصر
أوقف البنك إصدار الشهادة السنوية ذات العائد الثابت (27%)، وقام بتعديل العائد على شهادة “يوماتي” ذات العائد المتغير لأجل 3 سنوات من 27% إلى 24.75% شهريًا، وفقًا لموقع مبتدا.
كذلك، تم خفض العائد على حساب التوفير الشهري “سوبر كاش” من 22% إلى 20.25%، وعلى الحساب الجاري المخصص لأصحاب المعاشات من 22% إلى 19.75%.
2. البنك الأهلي المصري
البنك الأكبر في مصر من حيث الحصة السوقية، أعلن إيقاف الشهادات البلاتينية السنوية ذات العائد الثابت، وخفض العائد على الشهادات الثلاثية ذات العائد المتغير بنفس نسبة خفض الفائدة في مصر (2.25%)، وفقًا لـ العربية.
3. البنوك الخاصة
من المتوقع أن تحذو البنوك الخاصة نفس النهج، سواء بإيقاف الشهادات ذات العوائد المرتفعة أو إعادة تسعيرها تدريجيًا.
رابعًا: تداعيات اقتصادية واسعة لقرار خفض الفائدة في مصر
1. تقليل تكلفة الاقتراض
من أبرز الآثار الفورية لخفض الفائدة هو انخفاض تكلفة التمويل بالنسبة للشركات، مما قد يشجع على التوسع والاستثمار، خاصة في القطاعات التي تعتمد على التمويل مثل القطاع الصناعي والعقاري.
2. دعم سوق المال والبورصة
توقعات المستثمرين تشير إلى أن الفائدة الأقل ستجعل سوق الأسهم أكثر جاذبية، في ظل انخفاض العائد على أدوات الدين قصيرة الأجل، مما يدفع السيولة نحو الأسهم والعقارات.
3. تخفيف عبء الدين العام
تخفيض الفائدة يعني انخفاض تكلفة خدمة الدين الحكومي، خاصة أن الدين المحلي يشكل النسبة الأكبر من الدين العام، وهو ما يمنح الموازنة العامة للدولة مرونة أكبر.
4. تحفيز الاستهلاك المحلي
الأسر قد تشهد زيادة في القوة الشرائية نتيجة تراجع تكلفة الائتمان الاستهلاكي، مما يؤدي إلى تنشيط الأسواق.
خامسًا: التأثير على سوق العقارات
العقار لطالما كان “المخزن الآمن للقيمة” في مصر، ومع خفض الفائدة، يُتوقع أن:
يتزايد الطلب على العقارات كمخزن للقيمة، خاصة من قبل المدخرين الذين يتجهون نحو استثمار أموالهم خارج النظام البنكي.
يعود المستثمرون الأفراد والمطورون الصغار للواجهة، مستفيدين من انخفاض تكلفة القروض.
تنتعش عمليات التقسيط والتمويل العقاري، مع تحسن قدرة العملاء على السداد.
سادسًا: ماذا ينتظر العملاء والمستثمرون خلال الفترة القادمة؟
هل سيستمر خفض الفائدة؟
العديد من المحللين يتوقعون أن يشهد العام الحالي مزيدًا من الخفض إذا استمر التضخم في التراجع، وقد تصل الفائدة في نهاية 2025 إلى مستويات تتراوح بين 20%-22%.
نصائح مهمة للعملاء:
تجنب ربط الأموال في شهادات طويلة الأجل بعائد منخفض حاليًا، فربما تظهر خيارات أفضل قريبًا.
فكر في تنويع المحفظة الاستثمارية ما بين عقارات، أسهم، أدوات دين قصيرة الأجل.
تابع بيانات التضخم وأسعار الفائدة القادمة، لأنها مؤشر حيوي لاتجاه السوق.
خفض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي المصري يمثل نقطة تحول في السياسة النقدية، بعد سنوات من التشديد. هذا القرار سيكون له تبعات بعيدة المدى على سوق المال، والمصارف، وشهادات الادخار، وسوق العقارات، وأداء الاقتصاد بشكل عام. التحركات المقبلة للبنك المركزي، ورد فعل السوق، سيلعبان دورًا محوريًا في تشكيل البيئة الاستثمارية في مصر خلال ما تبقى من عام 2025.